لا تقرب الحرام فإن الدعاء لن يستجاب

أثر القرآن
0

 من أكل الحرام فلا يأمل الإجابة

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً)، وَقَالَ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ). ثُمَّ ذَكَرَ: الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ.. يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

لا تقرب الحرام

هذا الحديث النبوي الشريف رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه. الحديث يتحدث عن أهمية الطهارة والحرص على الكسب الحلال والابتعاد عن الحرام، ويبيّن علاقة ذلك باستجابة الدعاء.

شرح الحديث

  1. قول النبي ﷺ: "إن الله -تعالى- طيب لا يقبل إلا طيبا" :

    • المعنى : أن الله سبحانه وتعالى منزه عن كل نقص أو عيب، وهو طاهر لا يقبل إلا ما كان طيبًا في ذاته وفي مصدره. وهذا يشير إلى أن الأعمال التي تُقبل عند الله يجب أن تكون من مصادر مشروعة وطاهرة.
    • المقصود بالطيب : الطهارة من الناحية المعنوية والمادية. الأعمال والأقوال التي يرضاها الله يجب أن تكون خالية من الشوائب مثل الحرام والغش.
  2. "وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين" :

    • توضيح الآية : النبي ﷺ يذكر أن الله أمر المؤمنين بنفس الأمور التي أمر بها المرسلين، مثل الطهارة والأكل من الحلال.
    • الآيات المستشهد بها :
      • "يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا" (سورة المؤمنون: 51). هذا الأمر الإلهي للرسل بأن يتغذوا من الحلال ويعملوا الأعمال الصالحة.
      • "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" (سورة البقرة: 172). أمر الله تعالى المؤمنين بتناول ما أحله لهم من الرزق والابتعاد عن الحرام.
  3. قصة الرجل الذي يطيل السفر :

    • وصف الحال : النبي ﷺ يصف رجلاً يكون في حالة سفر، وهي من المواطن التي تستجاب فيها الدعوات عادةً، حيث يكون السفر سببًا في التذلل والانكسار بين يدي الله.
    • أوصاف الرجل : يكون في حالة من التعب والمشقة "أشعث أغبر" مما يدل على تواضعه وحاجته.
    • مد اليدين والدعاء : الرجل يرفع يديه إلى السماء يدعو الله بـ "يا رب، يا رب"، وهو شكل من أشكال التضرع والتوسل.
  4. العقبة في استجابة الدعاء :

    • المانع : رغم توافر كل أسباب استجابة الدعاء (السفر، التذلل، رفع اليدين)، إلا أن هناك مانعًا من الاستجابة؛ وهو أن هذا الرجل يتغذى ويشرب من الحرام، وملبسه من الحرام، ويعيش على الحرام.
    • السؤال البلاغي : "فأنى يُستجاب لذلك؟!"، وهو استفهام استنكاري يبين أن من يعتمد في رزقه وحياته على ما حرّم الله، فإن استجابة دعائه تكون بعيدة.

الدروس المستفادة من الحديث

  1. الاهتمام بالكسب الحلال : على المسلم أن يتحرى الحلال في كل شيء، سواء في طعامه أو شرابه أو ملبسه، لأن ذلك يؤثر على قبول الأعمال والدعاء.
  2. أهمية الطهارة المعنوية والمادية : ليس فقط ما يتناوله الإنسان يجب أن يكون حلالاً، بل حياته بأكملها يجب أن تكون مبنية على الطهارة والنقاء.
  3. استجابة الدعاء : هذا الحديث يشير إلى أن أحد أسباب عدم استجابة الدعاء هو المعاصي، وخاصة التلوث بالكسب الحرام.

المراجع

  • صحيح مسلم : يمكن الرجوع إلى كتاب "الزهد والرقائق" أو الكتب التي تشرح صحيح مسلم، مثل كتاب "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" للإمام النووي.
  • تفسير القرآن الكريم : مثل تفسير "ابن كثير" أو "القرطبي" لفهم معاني الآيات المذكورة في الحديث.
  • الكتب الفقهية والحديثية : مثل "جامع العلوم والحكم" لابن رجب الحنبلي، حيث يشرح الأحاديث النبوية ويوضح معانيها ودروسها.

هذا الحديث يعد من الأحاديث المهمة التي توضح العلاقة بين الكسب الحلال واستجابة الدعاء، ويشجع على الطهارة في كل جوانب الحياة.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)