-->

بين الفقه والتطبيق: حديث استقبال الشام واستدبار الكعبة




باب دخول الخلاء والستطابة

حديث استقبال الشام واستدبار الكعبة

 ■ الحديث: عن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - قال: «رَقِيْتُ يَوْماً عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ، مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ».

■ حكم الحديث: متفق عليه
■ شرح الحديث: 〈الشيخ ابن عثيمين〉

________________________________________

«إِذَا أَتَيْتُمْ» أَي: جِئْتُمُ، وَآتَيتُم أَي أَعطَيتُم، قَالَ اللَّ‍هُ تَعالَى: ﴿وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّ‍هِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّ‍هِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ [الروم:٣٩]، مَا آتَيتُم يَعني أَعطَيتُم، ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا﴾ [النساء:٢٠]، أَي أَعطَيتم، أمَّا أَتَيتُم فَمعنَاهَا جِئتُم، ومِنهُ قَولُه تَعالَى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّ‍هِ﴾ [النحل:١]، بِمَعنَى جَاءَ أمرُ اللَّ‍هِ.

هُنَا قَالَ النَّبيُّ : «إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ» أي جِئتُم، والغَائِطُ في الأَصلِ المَوضِعُ المُنخَفِضُ مِنَ الأَرضِ وَمِنهُ قَولُ النَّاسِ الآنَ هَذَا مَاءٌ عَميقٌ نَازلٌ، فَمَعنَى الغَائطِ المنخَفضُ مِنَ الأَرضِ، وَمُناسَبةُ المكَانِ المنخَفِضِ مِنَ الأَرضِ بِقضَاءِ الحَاجَةِ أَنَّهُم كَانُوا قَدِيما لَيسَ عِندَهُم دُورٌ أَو لَيسَ عِندَهُم أَماكِنُ في بُيوتِهِم، يَقضُونَ فِيهَا الحَاجَةَ وَإنمَا يَخرجُونَ إِلى خَارجِ البُنيَانِ فَيَقصِدُونَ الأَماكِنَ المنخَفِضَةَ لأنَّهَا أَسْتَرُ وَيَقضُونَ فِيهَا حَاجَتَهُم.

«الْغَائِطَ» المَكَانَ المُطْمَئِنَّ مِنَ الأَرْضِ المُنْخَفِضَ، وَكَانُوا يَأتُونَ إِلَيهِ لِقَضَاءِ الحَاجَةِ؛ لِأَنَّ البُيُوتَ إِذْ ذَاكَ لَيسَ فِيهَا كُنُوفٌ، فَيَخْرجُونَ إِلَى هَذِهِ الأَمَاكِنِ المُطْمَئِنَّةِ يَقْضُونَ فِيهَا حَوَائِجَهُم، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قَضَاءِ الحَاجَةِ، سَوَاءٌ فِي الغَائِطِ، أَو بَيتِ الخَلَاءِ، أَوِ المَرَاحِيضِ، أَو غَيرِ ذَلِكَ، قَولُه «فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ»: أَمَّا المُرَادُ بِالغَائِطِ هُنَا: الخَارِجُ المُسْتَقْذَرُ، يَعنِي لَا تَجعَلُوهَا أَمامَكُم سَواءٌ جَلَستُم لِغائِطٍ أَو جَلَستُم لِلبَولِ، وَالغَائِطُ الخَارجُ مِنَ الدُّبرِ وَالبَولُ الخَارجُ مِنَ القُبلِ.

جمع كنيف، وهو الْمِرْحَاضِ وقيل له: كَنِيفٌ، لِأَنَّهُ يَسْتُرُ قَاضِيَ الحَاجَةِ.

انظر: المصباح المنير، مادة: «كنف».

قَولهُ: «وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا»: أَي: لَا تَجعَلُـوهَا خَلفَ ظُهورِكُم، وَلـمَّا نَهَى عَنِ الاسْتقبَالِ وَالاستِدبَارِ أَرشَدَ إِلى الأَمرِ الجَائِزِ.

إِذَنْ نَجعَلُهُ عَنْ أَيْمَانِنَا، أَو عَنْ شَمَائِلِنَا، «وَلَكِـنْ شَرِّقُـوا» يَعنِي اتَّجِهُـوا إِلَى الشَّرقِ، «أَوْ غَرِّبُوا» اتَّجِهُوا إِلَى الغَربِ.

هَذَا الحَدِيثُ فِيهِ خِطَابَانِ:

أَحَدُهُما: عَامٌّ، وَهُوَ قَولهُ : «فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا»، فَهَذَا يَشمَلُ كُلَّ البُلْدَانِ في أَيِّ مَكَانٍ.

وَالثَّاني: خَاصٌّ، وَهُوَ قَولهُ: «وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا»، فَيَخْتَصُّ بِأَهلِ المَدِينَة، وَمَنْ كَانَ عَلَى سَمْتِهِم مِمَّنْ إِذَا شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ لَم يَستَقْبِلِ القِبلَةَ، وَلَم يَستَدْبِرْهَا.

وَالخطَابُ هُنَا خَاصٌّ بأَهلِ المَدينَةِ، بَينَما كَانَ في أَوَّلِهِ عَامًّا، إِذَا شَرَّقَ أَهلُ المدِينَةِ تَكُونُ القِبلَةُ عَلى أَيمَانِهم، وَإذَا غَرَّبُوا تَكُونُ عَلى شَمائِلِهِم، وَحِينَئذٍ لَا يَكُونُونَ مُستَقبِلي القِبلَةِ وَلَا مُستَدبِرِيهَا.

وَالْعِلَّةُ مِنْ تَجَنُّبِ اسْتِقبَالِ القِبْلَةِ وَاستِدبَارِهَا في قَضَاءِ الحَاجَةِ؛ مِنْ أَجْلِ احتِرَامِ القِبلَةِ وَتَعظِيمِهَا، وَأَلَّا يَتَسَاوَى مَنْ هُوَ عَلَى حَاجَتِه بِمَن يُنَاجِي رَبَّه، فَكِلَاهُما يَسْتَقبِلُ القِبلَةَ، والِاسْتِدْبَاُر لَاشَكَّ أَنَّ فِيهِ امتِهَانًا لِمَنِ اسْتَدبَرْتَ؛ لِهَذَا كَانَ الغَرَضُ مِنَ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ تَعْظِيمَ القِبْلَةِ وَاحْتِرَامَهَا.

وَلِئلَّا يَتشبَّهُ هذَا الذِي جَلسَ في هَذَا المكَانِ الخَبيثِ لِتَفريغِ النجَاسَةِ بِالمصَلَّي تَعظِيمًا لِلقِبلَةِ، فَنُهىَ عَن ذَلكَ.

قَالَ أَبُو أَيُّوبَ : «فَقَدِمْنَا الشَّامَ، فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ نَحْوَ الْكَعْبَةِ»؛ لِأَنَّ أَهلَ الشَّامِ كَانُوا نَصَارَى لَا يَتَّجِهُونَ في صَلَوَاتِهم إِلى الكَعْبَة؛ فَبَنَوْامَرَاحِيضَهُم مُتَّجِهَةً إِلَى الكَعبَةِ، قَالَ: «فَنَنْحَرِفُ عَنْهَا»، يَعنِي نَمِيلُ عَنهَا، «وَنَسْتَغْفِرُ اللَّ‍هَ»، نَطلُبُ مِنهُ المَغفِرَةَ.

وَسَبَبُ الاسْتِغفَارِ: قِيلَ: يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ بَنَاهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ لَو أَرَادَ اسْتِغْفَارًا لِغَيْرِ نَفْسِهِ لَقَيَّدَ.

وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ يَنْحَرِفُونَ، وَالِانْحِرَافُ لَيْسَ اتِّجَاهًا تَامًّا، أَوْ لَيْسَ مُخَالَفَةً تَامَّةً، فَخَافَ  أَنْ يَكُونَ مُقَصِّرًا فِي هَذَا الِانْحِرَافِ، فَقَالَ: «نَسْتَغْفِرُ اللَّ‍هَ».

مِنْ فَوَائِدِ هَذَينِ الحَدِيثَينِ:

• الفَائِدَةُ الأُولَى: شُمُولُ الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ لِكُل شَيْءٍ.

وَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّه أَعْلَمَنَا بِآدَابِ قَضَاءِ الحَاجَةِ؛ وَلهَذَا قَالَ رَجلٌ مِنَ المشْرِكِينَ لِسَلْمَانَ الفَارِسِيِّ: «عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ ﷺ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ قَالَ: فَقَالَ: أَجَلْ»، وَذَكَرَ أنَّهُ مَنَعَهُم مِن أَنْ يَسْتَقبِلُوا القِبلَةَ بِغَائِطٍ أوْ بَوْلٍ.

• الفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: تَعْظِيمُ القِبْلَةِ، وَذَلكَ بِالنَّهيِ عَنِ اسْتِقبَالها أَوِ اسْتِدبَارِهَا حَالَ قَضَاءِ الحَاجَةِ.

• الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: جَوَازُ اسْتِقبَالِ الشَّمسِ وَالقَمَرِ؛ لِقَولِهِ: «وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».

لَكِنَّ بَعضَ العُلَماءِ ذَهَبَ إِلَى كَرَاهَةِ اسْتِقْبَالِ الشَّمسِ أَوِ القَمَر، وَعَلَّلُوا ذَلكَ بِمَا فِيهمَا مِن نُورِ الله  وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا التَّعلِيلَ عَلِيلٌ؛ لِأَنَّ النُّجُومَ فِيهَا نُورُ الله  وَالفَجْرُ فِيهِ نُورُ اللَّ‍هِ، وَمَعَ هَذَا يَتَخَلَّفُ الحُكْمُ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا القَولَ مُخالِفٌ -أَيضًا- لِقَولِهِ: «وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».

• الفَائِدَةُ الرَّابِعةُ: النَّهْيُ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَوِ اسْتِدْبَارِهَا مُطْلَقًا فِي الْبُنْيَانِ وَغَيْرِ الْبُنْيَانِ؛ لِأَنَّ الحَدِيثَ لَيْسَ فِيهِ تَفْصِيلٌ.

• الفَائِدَةُ الخَامِسةُ: تَحرِيمُ استِقْبالِ القِبلَةِ وَاستِدبَارِهَا حَالَ قَضاءِ الحَاجَةِ، يُؤخَذُ مِنْ قَولِه ﷺ: «لَا تَسْتَقْبِلُوا»، وَالأَصلُ في النَّهْيِ التَّحرِيمُ حَتَّى يَقومَ دَليلٌ عَلى خِلَافِ ذَلكَ.

فَلَو قَالَ قَائلٌ: لَعلَّ النَّهيَ لِلكَرَاهَةِ.

قُلنَا: هَذَا خِلافُ الأَصلِ، والأَصلُ في النَّهيِ التَّحرِيمُ.

وَلكِنْ ثَبَتَ في الصَّحِيحَينِ مِنْ حَديثِ عَبدِ اللَّ‍هِ بنِ عُمرَ بنِ الخَطابِ  قَالَ: «رَقِيتُ يَومًا عَلَى بَيتِ حَفصَةَ فَرأَيتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقضِي حَاجتَه مُستَقبِلَ الشَّامِ وَمستَدبِرَ الكَعْبَةِ»، وَهذَا يَدلُّ عَلى جَوازِ استِدبَارِ القِبلَةِ في البُنيَانِ.

فَإنْ قَالَ قَائلٌ: هَذَا مِن خَصائِصِ النَّبيِّ  وَلْنُبقِ حَديثَ أَبي أَيوبَ عَلَى عُمُومِهِ.

فَالجَوابُ: لَا نَقبَلُ هَذهِ الدَّعوَى؛ لأنَّها دَعوَى خِلَاف الأَصلِ، وَالأَصلُ أَنَّ رَسُولَ اللَّ‍هِ ﷺ أُسوَةٌ، وَأنَّ مَا ثَبتَ في حَقِّه فَهوَ ثَابتٌ في حَقِّنَا إِلا بدَلِيل، وَيَدلُّ عَلى أَنَّ مَا ثَبتَ في حَقِّه ثَابِتٌ في حَقنَا إِلا بِدَليلٍ.

وَفي سُورَةِ الأَحزَابِ آيَتانِ تَدلَّانِ عَلى أَنَّ حَقَّ الرَّسولِ ﷺ ثَابِتٌ فِي حَقنَا إِلا بِدلِيلٍ قَالَ اللَّ‍هُ : ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّ‍هُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب:٥٠].

وَلَولَا قَولُه: ﴿خَالِصَةً لَّكَ﴾ لَكانَ يَجوزُ للرَّجُلِ إذَا وَهَبتِ المرأَةُ نَفسَها لَه أَن يَتزَوَّجها بِدونِ مَهرٍ، وَبِدُونِ أَيِّ شَيْءٍ، لَكِن لـمَّا قَالَ: ﴿خَالِصَةً لَّكَ﴾ عُلمَ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالنَّبيِّ .

وقَولهُ تعَالَى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب:٣٧]أَي: لـمَّا قضَى زَيدُ بنُ حَارثَةَ وَطرًا مِن زَينَبَ بِنتِ جَحشٍ، زَوجنَاكَها وَكانَ زَيدٌ يُدعَى في الأَوَّلِ زَيدَ بنَ مُحمَّدٍ وَيُنسَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّ‍هِ ﷺ، فَأبطَلَ اللَّ‍هُ تِلكَ البُنوَّةَ، وَكَانُوا يَقولُونَ: لَا يُمكِنُ أَن يَتزوَّجَ الرَّجُلُ زَوجَةَ مَنِ ادَّعَاهُ ابْنًا لَه، كَمَا أَنَّهُ لَا يُمكِنُ أَنْ يَتزَوجَ زَوجَةَ مَن كَانَ ابنًا لَهُ لِصُلبِه، فَأرادَ اللَّ‍هُ  أَن يُبطِلَ هَذهِ العَقيدَة الفَاسِدَةَ بِالأَمرِ الوَاقِعِ: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب:٣٧]، لم يَقُلْ لِكَيْلا يَكونَ عَليكَ حَرجٌ في زَوَاجِ دَعيِّكَ، وَلكِن قَالَ: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ [الأحزاب:٣٧]، وَهَذا دَليلٌ عَلى أَنَّ التَّشرِيعَ المُوجَّهَ لِلرَّسُولِ  تَشرِيعٌ لَه وَللأُمةِ إِلا بِدَليلٍ.


وَإنَّما سُقنَا هَذَا الكَلَامَ لِرَدِّ دَعْوَى مَنِ ادَّعَى أَنَّ استِدبَارَ القِبلَةِ حَالَ قَضاءِ الحَاجَةِ بِالبُنيانِ خَاصٌّ بِرسُولِ اللَّ‍هِ ﷺ، فَالأَصلُ عَدمُ التَّخصِيصِ.

لَو قَالَ قَائلٌ: يُمكِنُ أَنَّ النَّبيَّ ﷺ فَعَلَ ذَلكَ نِسيَانًا؟

نقولُ: الأَصلُ فِيمَا فَعلَهُ أَنهُ تَشرِيعٌ وَلَيسَ نِسيَانًا، وَلَو أنَّنا قَبِلنَا مِثلَ هَذَا الاحتِمَالِ لَكانَ كُلُّ أَحدٍ يَبلُغُه شَيءٌ عَنْ رَسولِ اللَّ‍هِ ﷺ يُخَالِفُ قَاعدَتَه يَقُول: هَذَا يَحتَملُ أَن يَكُونَ نِسيانًا، وَالأَصلُ التشرِيعُ وَعدَمُ النسيَانِ، وفِي ادِّعاءِ أَنَّ هذَا نِسيَانٌ،فِيهِ لَمزٌ لِرسُولِ اللَّ‍هِ ﷺ لَيسَ بالأَمرِ الهَينِ لأَنَّ النَّبيَّ ﷺ إِذَا نَسيَ فَلا بدَّ أنْ يَذكُرَ وإِذَا ذَكرَ فَلا بدَّ أَن يُخبرَ أَن مَا وَقعَ مِنهُ كَان نِسيَانًا.

لَو قَالَ قائِلٌ: إِنَّ مَا فَعلَه الرَّسولُ  كَانَ قَبلَ النَّهيِ، وَالنهيُ جَاءَ نَاسِخًا لَه.

فَالجَوابُ: لَا يُمكِنُ أَنْ نَدَّعِيَ ذَلكَ وَالجَمْعُ مُمكِنٌ؛ لِأنَّهُ مَتَى أَمكَنَ الجَمعُ لَم نَقُلْ بِالنسخِ إِذِ النسخُ إِبطَالٌ لِحُكمٍ شَرعِيٍّ، وَكَيفَ نُقدِمُ عَلى إبطَالِ حُكمٍ شَرعيٍّ مَعَ إمكَانِ الجَمعِ، لأَنَّهُ إذَا أَمكَنَ الجَمعُ عَمِلنَا بِالدَّليلَينِ جَميعًا، وَإذَا قُلنَا بِالنَّسخِ أَبطَلنَا أَحدَ الدَّليلَينِ، وَهذَا شَيءٌ لَيسَ بِالأَمرِ السَّهلِ، فَتعيَّنَ أَن يَكونَ حَديثُ ابنِ عُمرَ  مُخصَّصًا لِعُمومِ حَديثِ أَبي أَيوبَ.

فَإنْ قَالَ قَائلٌ: إِذَا جَعَلتُموهُ مُخصَّصًا في مَسأَلَةِ الِاستِدبَارِ، أَفَلا يُمكِنُ أَن تَجعَلُوه مُخَصَّصًا في مَسأَلَةِ الاسْتِقْبَالِ وَأَنَّه يَجوزُ استِقبَالُ القِبلَةِ في البُنيَانِ، كَما يَجوزُ استِدبَارُها هَذا مُمكِنٌ أن يُدَّعَى أَمْ غَيرُ مُمكِنٍ؟

يُمكِنُ أَن يُدَّعَى، فَيَقولُ قَائِلٌ إِذَا جَازَ الِاستِدبَارُ جَازَ الِاستِقبَالُ لأَنَّ النَّهيَ وَردَ عَنهُما جَميعًا لَا تَستَقبِلُوا وَلَا تَستَدبِروا فَلَما اسْتُدبِرَ في البُنيَانِ كَانَ الاستِقبَالُ بِالبُنيَانِ أَيضًا جَائِزًا.

فَالجَوابُ: أَنَّ هَذَا إِيرَادٌ قَويٌّ لَكِنَّ الأَقوَى مِنهُ أَن نَقولَ إِنَّ الوَاجِبَ الأَخذُ بِالعُمومِ، وَأَن يُقتَصَرَ التَّخصِيصُ عَلى صُورَةِ المُخَصصِ فَقَطْ، هَذَا الوَاجِبُ مَا دَامَ عِندَنَا عُمُومٌ، فَالوَاجِبُ أَخذُ العُمومِ وَالِاقتِصَارُ عَلى الصُّورَةِ التِي حَصَلَ بِها التَّخصِيصُ فَقَطْ.

ثُمَّ نَقولُ: قَد يَمنَعُ مَانعٌ منَ القِياسِ فَنقولُ لَا يُمكِنُ أَن نَقيسَ الِاستِقبَالَ عَلى الاستِدبَارِ؛ لأَنَّ الِاستِقبَالَ أَقبحُ مِنَ الاسْتِدبَارِ.

وَخَاطَبَ أَهلَ المَدينَةِ وَهُم إمَّا أَن يَكُونَ في بُيُوتِهِم خَلَاءٌ أَو يُتَوقَّعُ ذَلكَ، عَلى كُلِّ حَالٍ الحَديثُ عَامٌّ، وَبِنَاءً عَليهِ فَلا يَجوزُ أَن يَبنِيَ الإنسَانُ تُجاهَ مِرحَاضِهِ إلى القِبلَةِ، وَلْيسمَعِ المهندِسونَ مهندس العِمارَةِ البناؤون وَليَستَمعُوا أَيضًا لِهَذَا الحَديثِ، وَأنَّهُم إذَا أرَادُوا إِنشَاءَ المَراحِيضِ في العِمَارَاتِ أَو الفلل فَإنهُ يَجبُ أَلَّا تَكونَ وُجوهُهَا إِلى القِبلَةِ؛ لأَنَّ النبيَّ ﷺ حَرَّمَ ذَلكَ فَقَدْ نَهَى نَهْيَ تَحريمٍ عَن ذَلكَ.

فَإذَا قَالَ قَائلٌ: إِذَا كَانَ بَيتِي قَد بُنيَ عَلى هذَا فَماذَا أَصنَعُ؟

فَالجَوابُ: أَنَّ لكَ في هَذَا طَريقَينِ:

الطَّريقُ الأَولُ: أَنْ تُغيرَ المَجلِسَ مَقعَدَ البَولِ وَالغَائطِ؛ لِتَكُونَ القِبلَةُ عَلى يَمينِكَ أَو عَلى يَسارِكَ، وهَذَا هُوَ الَّذِي تَبرَأُ بِهِ الذِّمةُ وَيَستَريحُ بهِ القَلبُ وَلَا يَخشَى صَاحبُ البَيتِ أَن يَأتِيَ أَحدٌ فَيَستَقبِل القِبلَةَ أَو يَستَدبِرهَا.

الطَّريقُ الثَّانِي: أَنْ يَجلِسَ الإِنسَانُ وَينحَرفَ وَيظلُّ المقعَدُ عَلَى مَا هُوَ علَيهِ، لِقَولِ أَبي أَيوبَ  رَاوِي الحَديثِ: فَقدِمنَا الشَّامَ فَوجدنَا مَراحِيضَ قَد بُنيَتْ نَحوَ الكَعبَةِ فَنَنحَرِفُ عَنهَا وَنستَغفِرُ اللَّ‍هَ، وَلكِنَّ هَذَا الطَّريقَ طَريقٌ قَاصرٌ وَوجْهُ قُصورِهِ أَنَّ الإنسَانَ رُبمَا يَدخُلُ فَينسَى وَيجلِسُ مُستَقبِلَ القِبلَةِ.

ثَانيًا: أَنهُ قَد يَدخُلُ المِرحَاضَ شَخصٌ آخَرُ فَيجلِسُ حَيثُ كَانَ اتجَاهُ المِقعَدَةِ.

ثَالثًا: رُبَّما يَكُونُ الرَّجلُ قَد نَبهَ أَهلَه عَلى هذَا، وَلكِن لَا يَأمَن أَن يَبيعَ البَيتَ فَينتَقلُ عَنهُ بِالإِرثِ، فَيَأتِي مَن بَعدَه وَيستَقبِلُ القِبلَةَ، وَيكُونُ هُوَ السَّببُ في ذَلكَ والمتَسبِّبُ مُشَاركٌ للفَاعِلِ في الإِثمِ، فَالأَسلَمُ أَن يُغَيِّرَ الأَولُ.

فَإذَا قَالَ: تَغيِير الحَمامِ أَو تَغيِيرُ المَقعَدِ يَتكَلَّفُ مَبلَغًا كَبيرًا؟

فَالجَوابُ: هَذَا أَمرٌ سَهلٌ لِسلامَةِ الدِّينِ، وَكَم مِن مَصروفَاتٍ في تَجهيزِ البَيتِ وَفَرشِه لَا فَائدَةَ مِنهَا إِلا التَّكلُّفَ وَزِيادَة المَالِ، لَكنَّ البَذلَ في الحَقِّ يُثقِّلُه الشيطَانُ عَلى النَّفسِ.

فَيجِبُ عَلى مَن كَانَتْ مَراحِيضُهم مُتجِهةً إِلى القِبلَة أَن يُحولِّوهَا حَتَّى تَكونَ القِبلَةُ عنِ اليَمينِ أَو عَنِ اليَسارِ، وَإِلا فَهُم مُتَعذِّرونَ لِلإثمِ وَلَو بَعدَ سَنواتٍ.

• الفَائِدَةُ السادسَةُ: جَوَازُ استِقْبَالِ القِبْلَةِ وَاسْتِدبَارِهَا حَالَ الرُّعَافِ، وَحَالَ خُرُوجِ الرِّيحِ، وَحَالَ الحِجَامَةِ، وَحَالَ الجِمَاعِ، وَمَا أَشبَهَ ذَلِكَ.

وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا الْإِبَاحَةُ؛ فَيُقْتَصَرُ فِي النَّهْيِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ.

• الفَائِدَةُ السَّابعةُ: أَنَّ الْخِطَابَ الشَّرْعِيَّ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: عَامٍّ، وَخَاصٍّ، وَالخَاصُّ قَدْ يَكُونُ خَاصًّا بِالْأَحْوَالِ، وَقَدْ يَكُونُ خَاصًّا بِالْأَمْكِنَةِ، وَقَدْ يَكُونُ خَاصًّا بِالْأَزْمِنَةِ، حَسْبَ مَا يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ.

فَقَدْ آمُرُ شَخْصًا بِشَيْءٍ وَلَا آمُرُ الْآخَرَ؛ لِوُجُودِ سَبَبِ الْأَمْرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمَانِ.

• الفَائِدَةُ الثامنةُ: أَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا رَأَى مِنْ نَفْسِه أَنَّه فَعَلَ فِعلًا مُقَصِّرًا فِيهِ فَلْيَسْتَغفِرِ اللَّ‍هَ  لِيَغفِرَ لَه هَذَا التَّقصِيرَ.

أَعقَبَ المُؤَلِّفُ  بِحَدِيثِ عَبدِ اللَّ‍هِ بْنِ عُمَرَ  قَالَ: «رَقِيتُ يَوْمًا عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ» «رَقِيتُ» وَالفِعْلُ مِنهُ: رَقِـيَ بِمَعنَـى صَعِـدَ «عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ» أُخْتِهِ،خروج الدم من الأنف.

المصباح المنير رعف«فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ، مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ»، فَقَولُه: «مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ» لَا إِشكَالَ فِيهِ، أَمَّا قَولهُ: «مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ» فَفِيهِ إِشْكَالٌ؛ لِأنَّهُ يُعَارِضُ عُمُومَ حَدِيثِ أَبي أَيُّوبَ فِي قَوْلِهِ: «وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا».

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الجَمْعِ بَيْنَ هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ:

قَالَ بَعضُهُمْ: بِعُمُومِ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا اسْتِدْبَارُهَا لَا بِالخَلَاءِ، وَلَا فِي الْبُنْيَانِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي أَيُّوبَ  وَاخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيمِيةَ  وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

وَقِيلَ: يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي الْبُنْيَانِ؛ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ مُخَصِّصٌ لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ.

وَهُنَا نُجَادِلُ أَصحَابَ هَذَا القَوْلِ، فَنَقُولُ: هَل فِعْلُ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّ‍هُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه وَسَلَّمَ- المُخَالِفُ لِعُمُومِ قَولِهِ، مُخصِّصٌ أَو خَاصٌّ بِهِ؟

قَالَ بَعضُهُم: نَأخُذُ بِعُمُومِ اللَّفظِ؛ لِأنَّه هُو الَّذي خُوطِبْنَا بِه، وَلَقَد قَالَ اللَّ‍هُ تَعَالى: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص:٦٥]، وَالفِعْلُ لَهُ احْتِمَالاتٌ، فَيُحتَمَلُ أنَّهُ كَانَ نَاسِيًا، وَهَذَا وَارِدٌ لَا شَكَّ، وَيُحتَمَلُ أَنَّه لَم يَتَيسَّرْ لَهُ أَنْ يَنحَرِفَ إِلَى جِهَةٍ غِيرِ القِبلَةِ، فَيَكُونُ عَاجِزًا، وَيُحتَمَلُ أنَّهُ خَاصٌّ بِه، وَالأَوَّلُ عَامٌّ لِلأُمةِ، لَكِنَّ هَذَا الِاحْتِمالَ وَإن كَانَ وَارِدًا عَقْلًا إِلَّا أنَّهُ ضَعِيفٌ؛ لِأنَّ احْتِرَامَ القِبلَةِ لَا يَختَصُّ بِالأُمَّةِ، بَل هُوَ للِأُمةِ وِلِلنبيِّ  وَهُو أَولُ مَن يَحتَرِمُه، لَكِنَّ احتِمَالَ الخُصُوصِيَّة، أَوِ احتِمَالَ أَن يَكُونَ نَاسِيًا أَو أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا وَارِدٌ؛ لِهَذَا ذَهَبَ بَعضُ العُلَماءِ إلَى مَا ذَهَبنَا، التَّحرِيمُ مُطلَقًا.

ثُمَّ نَقُولُ: ذَكَرتُم أَنَّه يَجوزُ استِقبَالُ القِبلَةِ وَاستِدبَارُها، وَاحتَجَجتُم بِحدِيثِابنِ عُمرَ، وَهُنَا اسْتَدلَلتُم بِالأَخَص عَلَى الأَعَمِّ، وَهَذَا لَا يَجوزُ؛ لِأنَّه يَجبُ أَن يَكُونَ الدَّلِيلُ أَعَمَّ مِنَ المَدلُولِ، وَهُنَا الدَّليلُ أَخَصُّ.

وَمَعلُومٌ أنَّ الِاستِدبَارَ أَهْوَنُ فِي الِاحتِرَاقِ مِنَ الاستِقبَالِ، وَالِاستِقبَالُ أَقْبَحُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعضُ العُلَماءِ: إِنَّهُ يَجوزُ اسْتِدبَارُ القِبلَةِ في البُنيَانِ، وَهَذَا القَولُ أَصَحُّ.

فَأَصَحُّ الْأَقْـوَالِ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ: أَنَّهُ يَجُـوزُ فِي الْبُنْيَانِ اسْتِدْبَـارُ الْكَعْبَـة دُونَ اسْتِقْبَالِـهَا.

فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: إِذَا وَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَفْقَ مَا قَالَ أَبُو أَيُّوبَ؟

قُلنَا: إِنَّ الْوَاجِبَ تَغْيِيرُهَا كَمَا يُوجَدُ فِي بَعضِ الحَمَّامَاتِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا هُوَ بِنَفْسِهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالِانْحِرَافِ عَنْهَا، لَكِنَّ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، أَوْ مَنْ يَرِثُ الْبَيْتَ مِمَّنْ أَتَى بَعْدَهُ قَدْ لَا يَهْتَمُّونَ بِهَذَا الْأَمْرِ؛ فَيَكُونُ إِثْمُهُمْ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا يَجِبُ التَّنَبُّهُ الْآنَ لِوَضْعِ المَرَاحِيضِ، وَأَلَّا تَكُونَ مُسْتَقْبِلَةَ الْقِبْلَةِ، وَلَا مُسْتَدبِرَتَهَا.

• الفَائِدَةُ التاسعةُ: جَوَازُ تَبَسُّطِ الإِنْسَانِ فِي بَيتِ قَرِيبِه؛ لِقَولِه: «رَقِيتُ يَوْمًا عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ».

الْفَائِدَةُ العاشرةُ: أَنَّ بُيُوتَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّ‍هُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه وَسَلَّمَ- مِلْكٌ لَـهُنَّ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَضَافَ الْبَيْتَ إِلَى حَفْصَةَ.

وَكَذَلِكَ بَيتُ عَائِشَةَ  كَانَ لَها مِلْكًا، وَقَدِ استَأْذَنَ عُمَرُ لـمَّا طُعِنَ أَنْ يُدْفَنَ فِي بَيتِهَا.

• الفَائِدَةُ الحادية عشرة: جَوَازُ مُشَاهَدَةِ القَاعِدِ عَلَى حَاجَتِه، لَكِن بِشَرْطِ أَلَّا يَرَى عَورَتَه.

• الفَائِدَةُ الثانية عَشْرَةَ: أَنَّ مَنْ كَانَ فِي المَدِينَةِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ اسْتَدْبَرَ الشَّامَ، وَالْعَكْس بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ المَدِينَةَ بَيْنَ الشَّامِ وَبَيْنَ مَكَّةَ، أَمَّا مَنْ كَانَ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى، فَلَا.

• الفَائِدَةُ الثَّالثةَ عَشْرَةَ: الِاسْتِدلَالُ بِفِعْلِ الرَّسُولِ ﷺ لِأَنَّ فِعلَه مِن سُنتِه، فَهُو كَقَولِهِ.

• الفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: حُسنُ تَعلِيم رَسُولِ اللَّ‍هِ ﷺ؛ وَذَلكَ أَنَّهُ لَـما ذَكرَ الممنُوعَ ذَكرَ الجَائزَ، فَالمَمنُوعُ هُوَ استِقبَالُ القِبلَةِ وَالِاستِدبَارُ، وَالجَائِزُ أَنْ يُشَرِّقَ أَو يُغرِّبَ، وَهذَا مِن حُسنِ التَّعلِيمِ، وَهُو طَريقُ الكِتابِ وَالسُّنةِ إِذ وُجِدَ فِيهمَا مَنعُ فَتحِ بَابِ الإِباحَةِ قَالَ اللَّ‍هُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا﴾ [البقرة:١٠٤]، فَلَما نَهى عَن هَذَا اللَّفظِ أَتَى بِلفظٍ آخَرَ يُغنِي عَنهُ ﴿ لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا﴾ [البقرة:١٠٤].

وَلَما جِيءَ لِلنَّبيِّ ﷺ بِتَمرٍ طَيبٍ وَسَألَ هَل تَمرُ خَيبرَ كُلُّه هَكَذا؟ قِيلَ لَا، لَكِننَا نَأخُذُ الصَّاعَ مِن هَذَا بِالصَّاعَينِ وَالصَّاعَينِ مِنْ هَذَا بِالثَّلاثَةِ، فَقالَ: «لَا تَفْعَلُوا، بِـعِ الرَّدِيءَ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرِ بِالدَّرَاهِمِ جَيِّدًا»، فَلَّما نَهَى عَنْ بَيعِ التَّمرِ الرَّدِيءِ بِالجَيدِ مُتفَاضِلًا أَرشَدَ إلى كَيفِيَّةِ الوُصُولِ إِلى الغَرضِ مِن غَيرِ رِبًا، فَقالَ: «بِـعِ الرَّدِيءَ بِالدَّرَاهمِ وَاشتَرِ بِالدَّراهِمِ جَيدًا».

الفَائِدةُ الخَامِسةَ عَشْرَة: عَلى أَنَّ الجِهاتِ أَربَعٌ، يُؤخَذُ مِن قَولِه: «لَا تَستَقبِلُوا وَلَا تَستَدبِروا وَلكِن شَرِّقُوا أَو غَرِّبُوا»، وَمِن هَذهِ الفَائدةِ نَنتقِلُ إلَى فَائدَةٍ أُخرَى فَرعِيةٍ عَنهَا، وَهيَ:

الفَائدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرةَ: أَنهُ يَجوزُ لِلإنسَانِ أَن يُصَليَ مُستَقبلًا القِبلَةَ وَلَوِ انحَرفَ عَنهَا قَليلًا، وأَنَّ استِقبَالَ الجِهَةِ كَافٍ في سُقوطِ الفَرضِ.

الفَائدَةُ السَّابِعةَ عَشْرةَ: أَنهُ يَجوزُ في الصَّلاةِ أَن يَستَقبلَ الإنسَانُ القِبلَةَ وَلَوِ انحَرفَ عَنهَا قَليلًا إذَا كَانَ مُستقبِلَ الجِهةِ، وَوجْهُهُ أنَّ النَّبيَّ ﷺ جَعلَ المقَابِلَ لِاستِقبَال القِبلَةِ هُو التَّشريقَ أَوِ التَّغريبَ، فَإذَا قدَّرنَا أَنكَ شَرقِيَّ مَكةَ فَقِبلَتُك مَا بينَ الشَّمالِ وَالجَنوبِ، إذَا كُنتَ شَمالَ مَكةَ قِبلَتُكَ مَا بَينَ الشَّرقِ وَالغَربِ فَما دُمتَ تَستَقبلُ الشرقَ أَوِ الغَربَ فَأنتَ عَلى قِبلَةٍ.

المُهمُّ أَنَّ الإنسَانَ إذَا كَانَ في الجِهَةِ الشَّرقِيةِ مِنَ الكَعبَةِ أَو الغَربِيةِ فَقِبلَتُه مَا بَينَ الشَّرقِ وَالغَربِ، إذَا كَان جَنوبًا أَو شَمالًا فَقبلَتُه مَا بَينَ الشَّرقِ وَالغَربِ.

وَلهذَا قَالَ النبيُّ ﷺ يُخاطِبُ أَهلَ المَدينَةِ وَمَا شَابههُمْ: «مَا بَينَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ قِبلَةٌ» يَعنِي الذِي بَينَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ قِبلَةٌ، لَكنْ مَن كَانَ يُمكِنُه أَنْ يُشَاهِدَ الكَعبَةَ فَإنَّ الوَاجِبَ عَليهِ استِقبَالَ عَينِ الكَعبَةِ.

بَينَما لَو أَنَا في مَحلٍّ بَعيدٍ وَكَانتِ القِبلَةُ وَسَطٌ هَكذَا ثُمَّ قُلت هَكَذَا فَالقِبلَةُ صَحِيحَةٌ لأنَّكَ في المَكَانِ البَعِيدِ لَا تَرَى الكَعبَةَ فَالوَاجِبُ استِقبَالُ الجِهَةِ، وَالجِهَةُ وَاسِعَةٌ فَإذَا كَانتِ الكَعبَةُ عَنكَ غَربًا فَكُلُّ الغَربِ قِبلَةٌ لِأنهُ هُوَ الجِهَةُ، إذَا كَانتِأخرجه الترمذي في سننه: كتاب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة، رقم (٣٤٢)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب القبلة، رقم (١٠١١).

الكَعبَةُ عَنكَ غَربًا فَكلُّ الغَربِ قِبلةٌ وَإذَا كَانَت عَنكَ شَرقًا فَكلُّ الشَّرقِ قِبلةٌ، إذَا كَانتْ عَنكَ جَنوبًا.

الفائدةُ الثامِنَةَ عَشْرةَ: جَوازُ تَبعُّضِ الخِطابِ، يَعنِي أَنَّ الخِطابَ قَد يَكونُ جُملٌ مِنهُ عَامةٌ وجُملٌ مِنهُ خَاصَّةٌ، فَهنَا: «لَا تَستَقبِلُوا القِبلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ وَلَا تَستَدْبِرُوهَا» هَذِهِ عَامةٌ، وَقَولهُ: «وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» خَاصٌّ لِأهلِ المَدينَةِ.

وَأهْلُ الشَّامِ يُقالُ لَـهم أَيضًا: شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا؛ لِأنهمْ شَمَالَ الكَعبَةِ.

وَأهلُ اليَمنِ: شَرقُوا أَو غَرِّبُوا.

أَمَّا أَهلُ العِرَاقِ فَنقُولُ لَـهُم: «شَمِّلُوا أَو جَنِّبُوا» أَيِ اتجِهُوا شَمالًا أَوِ اتجِهُوا جَنوبًا، لأنَّهُم عَن شَرقِ الكَعبَةِ، اتَّجِهُوا شَمالًا أَوِ اتجِهُوا جَنوبًا.

وَإِذَا كُنَّا نُخاطِبُ أَهلَ مِصْرَ نَقُولُ أَيضًا: شَمِّلُوا أَو جَنِّبوا.

الفائِدَةُ التاسِعَةَ عَشْرَةَ: أَنَّ الإنسَانَ إذَا فَعلَ مَا يَخشَى أَن يَكونَ ذَنبًا فَإنهُ يَستَغفِرُ اللَّ‍هَ؛ لِقَولِ أَبي أَيوبَ: «فَنَنحَرِفُ عَنهَا وَنستَغفِرُ اللَّ‍هَ».

وَمَا هِيَ المغْفِرَةُ؟

المَغفِرَةُ أَن يَستُرَ اللَّ‍هُ تَعالَى ذُنوبَكَ عَنِ الناسِ وَأنْ يَتجَاوزَ عَنهَا فَلا يُعاقِبُك علَيها؛ لأَنهَا مَأخُوذَةٌ مِنَ المِغفَرِ الذِي تُغطَّى بهِ الرأسُ عِندَ القِتالِ؛ خَوفًا مِن إِصابَةِ السِّهامِ، وَعلَيه فَيكُونُ في المِغفَرِ سَترٌ لِلرأسِ وَوِقَايةٌ.

وَمَغفِرَةُ الذُّنوبِ لـهَا أَسبَابٌ مُتَعدِّدةٌ مِنهَا التَّوبَةُ، فَإذَا تَابَ الإنسَانُ إِلى رَبهِ تَابَ اللَّ‍هُ عَليهِ وَغَفرَ لَه، وَمنهَا الأَعمَالُ الصَّالحَةُ ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود:١١٤].

أَولًا: التَّوبَةُ؛ وَلا بدَّ فِيهَا مِن شُروطٍ خَمسةٍ:

• الشَّرطُ الأَولُ: الإِخلَاصُ للَّ‍هِ  فَإنْ تَابَ الإنسَانُ رِياءً وُسمعَةً وَخَوفًا مِنَ النَّاسِ فَتوبَتُه غَيرُ مَقبولَةٍ، لِقَولِ اللَّ‍هِ تَعالَى فِيما رَواهُ أَبو هُريرَةَ عَن رَسولِ اللَّ‍هِ ﷺ أَنَّ اللَّ‍هَ قَالَ: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِيَ غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ».

• الشَّرطُ الثَّاني: أَنْ يَندَمَ عَلَى مَا فَعلَ، بِحَيثُ يَكُونُ في قَلبِهِ انْكِسَارٌ وَحُزنٌ عَلَى مَا فَعلَ منَ الذَّنبِ، لِأنَّهُ إِنْ لَم يَندَمْ صَارَ فِعلُ الذَّنبِ وَعَدَمُهُ سَوَاءً عِندَه فَلا بُدَّ مِن نَدَمٍ وَشُعورٍ بِالحُزنِ عَلى مَا فَعلَ مِنَ الذَّنبِ.

• الشَّرطُ الثَّالثُ: أَن يُقلِعَ عَنِ الذَّنبِ، فَإنْ قَالَ: أَنَا تَائبٌ وَلَكِنَّهُ مُصِرٌّ عَلَى الذَّنبِ فَهُوَ مُستَهزِئٌ بِاللَّ‍هِ  مُتلَاعِبٌ بِتوبتِه.

• الشَّرطُ الرَّابعُ: أَنْ يَعزِمَ عَلَى أَلا يَعودَ، أَي يَكُونُ في قَلبِهِ عَزِيمةٌ عَلى أَنهُ لَا يَعودُ وَلَو تَيسَّرتْ لَهُ أَسبَابُ المَعصِيةِ.

وَلَوْ قُلنَا: «أَلا يَعُودَ» لَكانَ هَذَا خَطأٌ؛ لأَنَّ الإنسَانَ قَد يَتوبُ وَيعزِمُ عَلى أَلَّا يَعودَ ثُمَّ تَغلِبُه نَفسُه بَعدَ ذَلكَ فَيعودُ إِلى الذَّنبِ، فَهذَا لَا نَقولُ أَنَّه لَـما عَادَ بَطلَتْ تَوبَتُه الأُولى؛ لِأنَّ التَّوبَةَ الأُولى تَمت شُرُوطُهَا.

• الشَّرطُ الخَامسُ: أَن تَكونَ التَّوبَةُ في وَقتِ القَبولِ، فَإنْ وَقَعتِ التوبَةُ بَعدَ غَلقِ البَابِ فَإنهَا لَا تُقبَلُ، وَغَلقُ البَابِ قِسمَانِ عَامٌّ وَخَاصٌّ.

أمَّا العَامُّ فَهُوَ طُلوعُ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمسُ مِن مَغرِبِهَا لَـم تُقْبَلْ تَوبَتُه.

وأَمَّا الخَاصُّ فَهوَ حُضورُ الأجَلِ، لِقَولِ اللَّ‍هِ تَعالَى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ [النساء:١٨]، وَلهذَا لَـما تَابَ فِرعَونُ حِينَ أَدرَكهُ الغَرقُ وَقَالَ: ﴿آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس:٩٠]، قيل له: الآن، يعني الآن تتوب وهذا استفهام بمعنى التوبيخ ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس:٩١]، وقَالَ : ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّ‍هِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّ‍هِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ [غافر:٨٤-٨٥].

وَمِن هَذَا الشَّرطِ يُؤخَذُ أَنهُ تَجبُ المبَادَرةُ إِلى التَّوبَةِ؛ لأَنَّ الرَّجلَ لَا يَدرِي مَتَى يَفجَأُهُ المَوتُ، وَإذَا كَانَ لَا يَدرِي مَتَى يَفجَأُه المَوتُ كَانَ يَجبُ عَليهِ أَن يُبادِرَ بِالتوبَةِ لِئَلا يَفجَأَه المَوتُ وَهُو لَم يَتُبْ.

وَنَحنُ نُشاهِدُ الحَوَادِثَ الكَثيرَةَ التِي يَموتُ بِهَا عَالَمٌ كَثيرٌ، وَيُشاهَدُ أَيضًا مَوتُ البَغتَةِ، حَيثُ يَموتُ الإِنسَانُ وَهوَ عَلى فِراشِهِ، وَيَموتُ عَلى مَكتَبِه، وَيَموتُ وَهُو في سَيارَتِه، وَكَمْ حُدِّثنَا عَنْ أُناسٍ يَقُودُونَ ثُمَّ يَمُوتُونَ علَى هَذِه الحَالِ، وَهذَا أَمرٌ مُحتَملٌ إِذَنْ فَالوَاجبُ أَن يُبادِرَ الإنسَانُ إِلى التَّوبَةِ خَوفًا مِنْ أَن يَفجَأَهُ الَموتُ قَبلَ أَن يَتوبَ، هَذِه شُرُوطُ التَّوبَةِ.

----------------------------

كتاب الصلاة، باب قبلة أهل المدينة وأهل الشأم والمشرق، رقم (٣٩٤)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب الاستطابة، رقم (٢٦٤).

كتاب الوضوء، باب التبرز في البيوت، رقم (١٤٨)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب الاستطابة، رقم (٢٦٦).

كتاب الوضوء، باب من تبرز على لبنتين، رقم (١٤٥)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب الاستطابة، رقم (٢٦٦).

كتاب الطهارة، باب الاستطابة، رقم (٢٦٢).

كتاب الوضوء، باب التبرز في البيوت، رقم (١٤٨)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب الاستطابة رقم (٢٦٦).

كتاب الصلاة، باب باب قبلة أهل المدينة وأهل الشأم والمشرق رقم(٣٩٤)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب الاستطابة رقم (٢٦٤).

كتاب أصحاب النبي ﷺ، باب قصة البيعة، والاتفاق على عثمان بن عفان ، رقم (٣٧٠٠).

كتاب البيوع، باب إذا أراد أن بيع تمر بتمر خير منه، رقم (٢٢٠١) ولفظه: «لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا»، ومسلم: كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلا بمثل، رقم (١٥٩٣).

كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله (٢٩٨٥)..

المصدر :شرح عمدة الاحكام - ابن باز / كتاب الطهارة / باب دخول الخلاء والاستطابة /حديث رقم:15

إرسال تعليق

أحدث أقدم