بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم هي جزء من الإيمان الذي يتعلق بظهور النبي الخاتم، الذي بشرت به الكتب السماوية السابقة، ومن بينهم الأنبياء الذين أرسلوا إلى بني إسرائيل، مثل موسى وعيسى عليهما السلام. هذه البشارات تمثل علامة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم، وتعتبر شاهدة على صحة رسالته التي أكمل بها رسالات الله تعالى.
الأنبياء الذين بشروا بمحمد صلى الله عليه وسلم
الأنبياء الذين بشروا بمحمد صلى الله عليه وسلم هم مجموعة من الأنبياء الذين وردت بشاراتهم في الكتب السماوية السابقة، وفي الأحاديث النبوية الشريفة. هذه البشارات كانت تمهيدًا واتباعًا لظهور النبي الخاتم، محمد صلى الله عليه وسلم. سنستعرض في هذه المقالة أبرز هؤلاء الأنبياء الذين بشّروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وأين وردت هذه البشارات في الكتب السماوية.
1. النبي موسى عليه السلام
النبي موسى عليه السلام هو من أبرز الأنبياء الذين بشروا بظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وفي التوراة، نجد إشارات واضحة إلى نبي سيأتي من بعده، يواصل ما بدأه موسى في دعوته.
البشارة في التوراة:
في سفر التثنية، نجد إشارات إلى نبي سيأتي من بعد موسى، وتشير إلى أنه سيكون مثل موسى في مهمته. ووفقًا للتفسير الإسلامي، فإن هذه الإشارة تتعلق بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء من نسل إسماعيل بن إبراهيم. وفي التوراة جاء قول موسى في الفصل 18 من سفر التثنية: "يُقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك من إخوتك مثلي، له تسمعون".
البشارة في القرآن الكريم:
في القرآن الكريم، أشار الله سبحانه وتعالى إلى أن موسى عليه السلام كان يعلن عن نبي سيأتي من بعده. فقد قال الله تعالى في سورة الأعراف، آية 157: "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل".
2. النبي عيسى عليه السلام
النبي عيسى عليه السلام هو من الأنبياء الذين بشروا بشكل واضح بظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم. في الإنجيل، نجد العديد من الإشارات التي تدل على أن عيسى عليه السلام تحدث عن النبي الذي سيأتي بعده.
البشارة في الإنجيل:
في إنجيل يوحنا، يتحدث عيسى عن "المعزي" الذي سيأتي بعده، ويصفه بأنه سوف يكمل رسالته ويدل الناس على الحق. ويرى العديد من العلماء المسلمين أن هذا "المعزي" هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم. في إنجيل يوحنا، نجد قوله: "وأما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء" (يوحنا 14: 26).
البشارة في القرآن الكريم:
الله تعالى ذكر في القرآن الكريم أن عيسى عليه السلام قد بشر برسول يأتي من بعده اسمه أحمد. ففي سورة الصف، آية 6، قال تعالى: "وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد".
3. النبي إبراهيم عليه السلام
النبي إبراهيم عليه السلام، الذي هو أبو الأنبياء، كان أيضًا من الذين بشروا بظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد أشار إلى ذلك في دعائه لله عز وجل.
البشارة في القرآن الكريم:
قال الله تعالى في سورة البقرة، آية 129: "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
وهذا الدعاء من النبي إبراهيم عليه السلام كان يتضمن طلبًا من الله أن يبعث في ذريته رسولًا من بينهم، وهو ما تحقق في النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء من نسل إسماعيل ابن إبراهيم.
4. النبي داود عليه السلام
النبي داود عليه السلام، الذي هو من الأنبياء البارزين في تاريخ بني إسرائيل، أشار أيضًا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في بعض من رسالاته. حيث يعتقد العديد من العلماء أنه تحدث عن النبي الذي سيأتي من بعده.
البشارة في التوراة:
في الكتاب المقدس، يشير البعض إلى أن النبي داود تحدث عن ملك سيأتي من نسل داود. يعتقد المسلمون أن هذا الملك هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي وُلد في مكة من نسل إسماعيل بن إبراهيم.
5. النبي زكريا عليه السلام
النبي زكريا عليه السلام أيضًا ورد في بعض التفاسير أنه بشّر بظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال الحديث عن "الملك" الذي سيظهر بعده، وقد جاء ذلك في سياق التفسير الذي يرى في "المعزي" في التوراة والإشارات الأخرى امتدادًا لظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
6. النبي يوسف عليه السلام
النبي يوسف عليه السلام ذكر في القرآن الكريم أيضًا، حيث ورد في تفسير بعض علماء أهل السنة أنه قد بشر برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما تحدث عن الرؤيا التي رآها وكان فيها تفسير لما سيحدث مستقبلاً.
7. النبي إسماعيل عليه السلام
النبي إسماعيل عليه السلام هو الآخر كان من الذين بشروا بظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد ورد في القرآن الكريم أن الله عز وجل أرسل إسماعيل في منطقة مكة، حيث سيكون النبي محمد صلى الله عليه وسلم في النهاية.
تعتبر بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم دليلًا على أن رسالته كانت متوقعة ومبشرة بها عبر التاريخ. فكل الأنبياء الذين جاؤوا قبل محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يحملون بشارات متفرقة عن ظهور النبي الخاتم، مما يعكس تتابع رسالات السماء لتوحيد الدعوة إلى الله الواحد الأحد.
النصوص القرآنية التي تشير إلى بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم
القرآن الكريم يحتوي على العديد من الآيات التي تشير إلى بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم، سواء كانت ضمن السياق العام أو كانت ذكرى لنبواتهم المتعلقة به. هذه الآيات تؤكد على أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان مذكورًا في كتب الأنبياء السابقين وأن رسالته كانت متوقعة وموعدًا موعودًا. وفيما يلي بعض النصوص القرآنية التي تشير إلى بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم:
1. سورة الأعراف (الآية 157)
قال الله تعالى:
"الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل"
هذه
الآية تشير إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان مذكورًا في الكتب
السماوية السابقة، التوراة والإنجيل، وأيضًا أنها بشارة من الأنبياء الذين
جاءوا قبله، حيث كان يتوقعون قدومه وكانوا يصفون صفاته في كتبهم.
2. سورة الصف (الآية 6)
قال الله تعالى:
"وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد"
هذه
الآية توضح بشارة النبي عيسى عليه السلام، حيث بشر بظهور رسول سيأتي بعده
اسمه "أحمد"، وهو أحد أسماء النبي محمد صلى الله عليه وسلم. يشير هذا إلى
النبوة التي أعلنت عن مجيء النبي محمد بعد عيسى عليه السلام.
3. سورة البقرة (الآية 285)
قال الله تعالى:
"آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله"
هذه
الآية تشير إلى أن جميع الأنبياء، بما في ذلك محمد صلى الله عليه وسلم،
يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله. الآية تبرز أهمية قبول رسالة جميع
الأنبياء كجزء من الإيمان بالله، وضمن ذلك بشارة النبي محمد صلى الله عليه
وسلم.
4. سورة آل عمران (الآية 81)
قال الله تعالى:
"وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه"
هذه
الآية تشير إلى العهد الذي أخذه الله تعالى على الأنبياء في الماضي بأنهم
سيؤمنون برسول يأتي بعدهم ويصدق ما معهم من كتب. وهذا الرسول الذي ذكره
الله في هذه الآية هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أكد الله تعالى
على إيمان الأنبياء به.
5. سورة الأعراف (الآية 157)
قال الله تعالى:
"الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل"
تحدثت
هذه الآية عن صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأكدت أن التوراة
والإنجيل كانت تحتويان على بشارات ووصف للنبي الذي سيأتي بعدهم.
6. سورة التوبة (الآية 111)
قال الله تعالى:
"إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ
وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ
ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى
ٱلتَّوْرَٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَٰنِ وَمَنۡ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ
مِنَ ٱللَّهِ فَٱبْشُرُوا۟ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِۦ
وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ"
هذه الآية تذكر أن وعد
الله للمؤمنين كان مدونًا في الكتب السماوية السابقة مثل التوراة والإنجيل
والقرآن، وهي تأكيد على أن الكتب السابقة تحدثت عن الوعد بالمجيء المنتظر
للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
7. سورة البقرة (الآية 40)
قال الله تعالى:
"يَا
بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا۟ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
وَأَوْفُوا۟ بَعْهَـٰدِى إِذَا عَاهَدتُّكُمْ وَإِيَّايَ فَٱرْهَبُونِ"
هذه
الآية تتحدث عن تذكير بني إسرائيل بنعم الله عليهم، وتشير إلى الإيمان
برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث سبق لبني إسرائيل أن عاهدوا الله على
الإيمان بالنبي الذي سيأتي.
القرآن الكريم مليء بالآيات التي تشير إلى بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم. هذه الآيات توضح بجلاء أن الرسالة المحمدية كانت متوقعة ومبشرة بها منذ عهد الأنبياء الذين سبقوا محمد صلى الله عليه وسلم. وبينما كانت رسالات الأنبياء السابقين تحمل بشارات بمجيء نبي خاتم، فإن هذه الآيات تشكل دليلاً قاطعًا على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو النبي الذي بشر به هؤلاء الأنبياء في التوراة والإنجيل، كما في القرآن الكريم.