خطورة تضييع الصلاة الوسطى: تحذير نبوي بليغ

أثر القرآن
0

 

 

تحذير نبوي بليغ

■ الحديث: وله عن عبد اللَّه بن مسعود قال: حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ صلاة الْعَصْرِ، حَتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ أَوِ اصْفَرَّتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى، صَلاةِ الْعَصْر، مَلأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً»، أَوْ قال  «حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً».


■ حكم الحديث: متفق عليه
■ شرح الحديث: 〈الشيخ ابن عثيمين〉


________________________________________

«أَوْ» هُنا للشَّك، وهَذَا الحَدِيث فيه أنَّ المُشْرِكين شغَلُوا النَّبيَّ ﷺ عن صَلَاة العَصْر؛ حَتَّى احمَرَّت الشَّمْس أو اصْفَرَّت، وَهَذَا شكٌّ مِن الرَّاوي، والاحْمِرَار أقرب إِلَى الغُرُوب مِن الاصفِرَار؛ لأنَّهَا تصفرُّ أولًا ثُم تحمرُّ.

وهَذَا الحَدِيث كالَّذِي قبله، لكن فيه أنَّ الرَّسُول ﷺ صلَّاها قبل أنْ تغرب الشَّمْس، ولا مُعارَضة بينه وبين الأوَّل؛ لأن غزوة الخندق بقِيَتْ أكثر من عشرين يومًا، فرُبَّما يَكُونون شغلوه في بَعْض الأَيَّام حَتَّى غابت الشَّمْس، وفي بَعْضها حَتَّى احْمرَّت أو اصفَرَّت.

فهل هذا الحكمُ باقٍ أو منسوخٌ، يعني هل يَجُوزُ للمجاهدين أن يؤخِّروا الصَّلَاةَ عند القتال أو يجبُ أن يصلوا الصَّلَاةَ في وقتها ولو في حال القتال، إن نظرنا إِلَى ظَاهِر الحَدِيث فبأيِّ الاحْتِمَاليْنِ نَقُول؟ نَقُول: بالأول؛ يعني أنها تُؤَخَّرُ، ولكنَّ هذا المدلولَ مُعارَضٌ بالأحاديثِ الكَثِيرَةِ الدَّالةِ عَلَى أنَّ المجاهدينَ يصلونَ الصَّلَاةَ عَلَى أي صِفَةٍ كانت، ولِهَذا ذهبَ كثيرٌ من العُلَمَاءِ إِلَى أن هَذَا الحَدِيثَ منسوخٌ، وأنَّ المُسْلِمينَ كانوا بالأَوَّل يؤخرونَ الصَّلَاة في شدة القتال عَن وَقْتِها، ثم بعد ذَلِك نُسِخَ هذا الحكمُ وصار الوَاجِبُ أن يصلوا الصَّلَاة في وقتها بقدر ما يَسْتَطِيعونَ، وَهَذَا هو الَّذي علَيْه جُمْهُورُ أهلِ الْعِلْم، أما القلة من العُلَمَاء فقَالُوا: إِذَا اشتد القتال حَتَّى لا يتمكن المقاتل أن يشعر بما يقول ويفعل فحِينَئَذٍ يَجُوز أن يؤخر الصَّلَاةَ عَن وَقْتِها.

وهُنَا سؤال قبل أن نبدأَ لو أن رجلًا أخَّرَ الصَّلَاة عَن وَقْتِها بلا عذر ثم صَلَّاها فهل تُقْبَلُ منه؟

الجَوَاب: لا تُقْبَلُ منه، إِذَا أخرها عَن وَقْتِها بلا عذر، لا تُقْبَلُ منه ولو صلَّى ألف مرةٍ، ولِهَذا كَانَ الْقَوْل الرَّاجح من أَقْوَال العُلَمَاء أنَّ الإِنْسَان إِذَا تعمدَ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَن وَقْتِها ثم صَلَّاها فإِنَّها لا تُقْبَلُ؛ لأنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ» أي: مردودٌ علَيْه.

ومن المَعْلُومِ أنَّ الإِنْسَانَ إِذَا أخّرَ الصَّلَاةَ عن وقتِها لغيرِ عُذْرٍ، فقد
عمِل عملًا لَيسَ علَيْه أمر الله ورَسُوله، فيَكُونُ مَردودًا، أما لو أخَّرَ الصَّلَاة لعذرٍ، مثلا نسيَ أن يُصلِّيَ، ولما خرج الوَقْت ذكر أنه لم يُصَلِّ، فحِينَئَذٍ يُصلِّيها، كذَلِك لو نام ولَيسَ عنده من يوقظُه، ولَيسَ عنده وسيلةٌ يستيقظُ بها حَتَّى خرج الوَقْتُ، ثم استيقظَ؛ فإِنَّه يُصلِّيها وتُقْبَلُ منه؛ لأنَّهُ أخرَّها لعذرٍ.

----------------------------

كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم (١٧١٨).

كتاب المساجد ومواضع الصَّلاة، باب الدَّلِيل لمن قال الصَّلاة الوسطى هي صلاة العصر، رقم (٦٢٨).

كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم (١٧١٨)..

المصدر :شرح عمدة الاحكام - ابن باز / كتاب الصلاة / باب المواقيت /حديث رقم:55

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)