النبي اليسع في القرآن الكريم: قصته ودروسه المستفادة

أثر القرآن
0

اليسع في القرآن الكريم: قصته ودروسه المستفادة

يعتبر النبي اليسع عليه السلام أحد أنبياء بني إسرائيل الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم. وقد بعثه الله ليهدي قومه إلى الصراط المستقيم ويواصل رسالة التوحيد التي حملها الأنبياء من قبله. عُرف بالصبر والزهد، كما أنه ورث العلم والحكمة من نبيه ومعلمه إلياس عليه السلام. في هذه المقالة، سنتناول حياة النبي اليسع، معجزاته، دوره في نشر الدين، والمكانة التي يحتلها في الإسلام.

من هو النبي اليسع عليه السلام؟

النبي اليسع هو نبي من أنبياء الله، ورد ذكره في القرآن الكريم مرتين، حيث قال الله تعالى:

"وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ" (سورة ص: 48)

"وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ" (سورة الأنعام: 86)

ورد في كتب التفسير أن اليسع عليه السلام كان من أتباع النبي إلياس عليه السلام، وأنه خلفه في النبوة بعد وفاته.

بعثة النبي اليسع عليه السلام

النبي اليسع عليه السلام هو أحد أنبياء بني إسرائيل، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في موضعين، حيث قال الله تعالى:

  1. ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ (الأنعام: 86).

  2. ﴿ وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ﴾ (ص: 48).

نسبه وبعثته

يُعتقد أن النبي اليسع عليه السلام كان تلميذًا وخليفةً للنبي إلياس عليه السلام، وقد بعثه الله نبيًا لبني إسرائيل بعد وفاة إلياس عليه السلام. عاش في فترة كان فيها بنو إسرائيل قد انحرفوا عن عبادة الله، وانتشرت بينهم الفتن والمعاصي، خصوصًا عبادة الأصنام والتعلق بالشهوات الدنيوية.

دعوة النبي اليسع عليه السلام إلى التوحيد والإصلاح

بعث الله النبي اليسع عليه السلام إلى بني إسرائيل في زمنٍ كانوا قد انحرفوا فيه عن عبادة الله الواحد، واتبعوا الشهوات وعبدوا الأصنام، كما انتشر بينهم الظلم والفساد. وكانت دعوته استمرارًا لرسالة التوحيد التي حملها النبي إلياس عليه السلام من قبله، إذ سعى لإصلاح حال بني إسرائيل وإعادتهم إلى طريق الحق.

1. الدعوة إلى عبادة الله وحده

دعا النبي اليسع قومه إلى ترك عبادة الأصنام والتخلي عن العادات الوثنية التي ترسّخت في حياتهم. كان يؤكد لهم أن التوحيد هو السبيل للخلاص في الدنيا والآخرة، وأن الله وحده هو المستحق للعبادة، مستشهدًا بما أرسله الله من الآيات والمعجزات لتثبيت دعوته.

2. محاربة الفساد والظلم

انتشرت في زمن النبي اليسع أشكال من الفساد الاجتماعي، مثل استغلال الفقراء وانتشار الجشع والظلم بين الناس. فكان يسعى لنشر العدل ورد الحقوق إلى أصحابها، ووقف في وجه الطغاة والجبابرة الذين تسلطوا على الضعفاء.

3. تثبيت الإيمان في قلوب بني إسرائيل

حاول النبي اليسع عليه السلام إحياء الإيمان في قلوب بني إسرائيل، وذكّرهم بنعم الله عليهم، وكيف أرسل لهم أنبياءً من قبل لهدايتهم. وكان يدعوهم إلى الاستغفار والتوبة الصادقة حتى يرحمهم الله وينزل عليهم البركة.

4. معجزات النبي اليسع عليه السلام

يقال إن الله سبحانه وتعالى أكرم النبي اليسع عليه السلام بمعجزات عديدة، منها شفاء المرضى ونزول البركات في الرزق، مما جعله حجة قوية على صدق نبوته، لكن رغم ذلك، لم يستجب له إلا القليل، بينما استمر الكثيرون في العناد والضلال.

5. ثباته في الدعوة رغم الصعوبات

لم تكن دعوة النبي اليسع سهلة، فقد واجه معارضة شديدة من زعماء بني إسرائيل الذين كانوا مستفيدين من حالة الفساد والوثنية المنتشرة في المجتمع. لكنّه بقي صامدًا، ودعا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، مستمرًا في أداء رسالته حتى وفاته.

يُعتبر النبي اليسع عليه السلام مثالًا للصبر والثبات في سبيل الدعوة إلى الله، فقد عاش في زمنٍ مليء بالفساد والانحراف، لكنه لم يتراجع عن تبليغ رسالته. وكان اسمه من الأسماء التي ذكرها الله في القرآن مع الأنبياء الأخيار، تكريمًا له على جهوده في نشر التوحيد والإصلاح بين قومه.

حكم النبي اليسع عليه السلام بالعدل وانتشار البركة في زمنه

بعد أن تولى النبي اليسع عليه السلام قيادة بني إسرائيل خلفًا للنبي إلياس عليه السلام، سعى إلى نشر العدل وإصلاح الفساد الذي تفشّى في مجتمعه. كان حكمه قائمًا على العدل والتقوى، فعمل على إحياء القيم الأخلاقية وتعاليم التوحيد التي ضاعت بين قومه بسبب فساد الحكام وانحراف بني إسرائيل عن دين الله.

1. العدل في الحكم

كان النبي اليسع عليه السلام يحكم بالحق بين الناس، دون تمييز بين غني وفقير، أو قوي وضعيف. واجه الظلم بكل أشكاله، وسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية، حيث أعاد الحقوق لأصحابها، ومنع استغلال الفقراء والمحتاجين، مما جعله محبوبًا عند من كانوا يسعون للإنصاف، لكنه في المقابل واجه معارضة من المفسدين الذين كانوا يستفيدون من الظلم.

2. انتشار البركة في زمنه

ذكر بعض المفسرين وأهل السير أن الله سبحانه وتعالى أجرى على يديه معجزات، ومن بين تلك البركات التي أنعم الله بها على قومه في بداية دعوته:

  • الخصب وكثرة الرزق: بعد فترات من القحط والجفاف التي عانى منها بنو إسرائيل بسبب ذنوبهم، أكرمهم الله بالخير عندما استجاب بعضهم لدعوة النبي اليسع، فعادت الأرض إلى الخصب وكثرت الثمار.

  • شفاء المرضى: يُقال إن الله أعطى النبي اليسع القدرة على شفاء بعض المرضى، مما زاد من إيمان بعض أتباعه بصدقه ونبوته.

  • النصر على الأعداء: قيل إنه ببركة دعائه وإيمانه بالله، نصر الله بني إسرائيل على بعض أعدائهم الذين كانوا يسعون لإفساد الأرض.

3. استمرار الصلاح بعده

بفضل حكم النبي اليسع بالعدل وسعيه لنشر الخير، استمرت آثار الإصلاح فترة من الزمن بعد وفاته، ولكن للأسف، عاد بنو إسرائيل لاحقًا إلى المعاصي، مما أدى إلى ابتلائهم بالمحن والابتلاءات بسبب بعدهم عن شريعة الله.

كان النبي اليسع عليه السلام نموذجًا للحاكم العادل والنبي المصلح، الذي بذل جهده في إقامة العدل، ومحاربة الفساد، ونشر البركة بين الناس، لكن كعادة بني إسرائيل، لم يحافظوا على هذه النعم، فعادوا إلى الضلال بعد وفاته، مما تسبب في زوال كثير من البركات التي أنعم الله بها عليهم.

وفاة النبي اليسع عليه السلام وذكره في القرآن

1. وفاة النبي اليسع عليه السلام

لم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية تفاصيل دقيقة عن وفاة النبي اليسع عليه السلام، ولكن بحسب ما ورد في كتب التاريخ والتفسير، فإنه عاش طويلًا واستمر في دعوته حتى وفاته. وقد توفي في بني إسرائيل بعد أن نشر التوحيد والعدل، وخلفه أنبياء آخرون لإكمال مسيرة الإصلاح.

قيل إن وفاته كانت طبيعية، وأنه توفي وهو راضٍ عن جهوده في هداية قومه، لكنه حزن لما رأى من عودة كثير من بني إسرائيل إلى المعاصي بعد وفاته، حيث كانوا سريعَي الارتداد عن طريق الحق كلما غاب عنهم نبيّ.

2. ذكره في القرآن الكريم

ورد ذكر النبي اليسع عليه السلام في موضعين من القرآن الكريم، مقرونًا بأسماء أنبياء آخرين تكريمًا له وإشادةً بمكانته بين الأنبياء:

  1. قال الله تعالى في سورة الأنعام:
    ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ (الأنعام: 86).

    • في هذه الآية، يذكر الله عز وجل اليسع عليه السلام ضمن الأنبياء الذين فضلهم على العالمين، وهذا يدل على رفعة مكانته عند الله.

  2. قال الله تعالى في سورة ص:
    ﴿ وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ﴾ (ص: 48).

    • في هذه الآية، وصفه الله بأنه من الأخيار، أي من الأنبياء الصالحين الذين أدوا رسالتهم بإخلاص وصبر.

3. دلالات ذكره في القرآن

  • وروده في قائمة الأنبياء المفضلين دليل على مكانته الرفيعة في النبوة.

  • اقترانه بأنبياء مثل إسماعيل ويونس ولوط وذا الكفل يشير إلى أهميته في سلسلة الدعوة إلى الله.

  • وصفه بـ "من الأخيار" يدل على صلاحه وورعه وثباته في الدعوة رغم الصعوبات التي واجهها.

يبقى النبي اليسع عليه السلام مثالًا للنبي الصالح الذي حمل رسالة التوحيد ونشر العدل بين قومه، وذكره في القرآن تكريم له وإشارة إلى جهوده العظيمة في هداية بني إسرائيل.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)