أثر المرأة الصالحة في خدمة الدعوة في زمن النبي محمد ﷺ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
لقد كانت المرأة المسلمة في عصر النبوة جزءًا لا يتجزأ من مسيرة الدعوة الإسلامية، حيث ساهمت بفاعلية في نصرة الإسلام ونشر تعاليمه. فقد وقفت المرأة الصالحة بجانب النبي محمد ﷺ، مؤمنة برسالته، مضحية بمالها ونفسها في سبيل الله. وكان لجهودها المباركة دورٌ عظيم في دعم الدعوة الإسلامية وانتشارها. وفي هذا المقال، نسلط الضوء على أثر المرأة الصالحة في خدمة الدعوة في زمن النبي ﷺ
السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها كانت أول من نصر الإسلام من البشر، بل كانت السند الأول لرسول الله ﷺ في بداية دعوته، وساهمت في نشر الإسلام بطرق مختلفة، منها:
تصديقها للنبي ﷺ ودعمه نفسيًا ومعنويًا
عندما نزل الوحي على النبي ﷺ لأول مرة في غار حراء، وعاد إلى بيته خائفًا يرجف فؤاده، كانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أول من هدّأ من روعه، واحتضنته بكلماتها العظيمة التي تبعث الطمأنينة والثقة.
فقال لها النبي ﷺ بعد نزول الوحي عليه:
"لقد خشيت على نفسي"، فردت عليه بكلمات مليئة بالإيمان والثبات:
"كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
تصديق مطلق: آمنت برسالته فورًا دون تردد، فكانت أول من آمن به من البشر، ولم تطلب دليلًا أو معجزة.
طمأنينة نفسية: بثّت فيه الأمان والراحة، وأزالت عنه الخوف والقلق بعد لقاء جبريل عليه السلام.
إيمان بشخصه قبل نبوته: أشارت إلى أخلاقه العظيمة التي لا يمكن أن يخذلها الله، وهذا زاد النبي ﷺ يقينًا في دعوته.
ثم أخذته رضي الله عنها إلى ورقة بن نوفل، الذي أخبره أن ما نزل عليه هو الوحي مثلما نزل على موسى عليه السلام، وكان ذلك تثبيتًا جديدًا لنفس النبي ﷺ.
أثر هذا الموقف في الدعوة
بفضل موقفها الحكيم، استعاد النبي ﷺ قوته النفسية والمعنوية، وانطلق في تبليغ رسالة الإسلام بثبات، وكانت خديجة رضي الله عنها خير معين وسندٍ في رحلته الدعوية.
دعم السيدة خديجة رضي الله عنها المالي للدعوة
كانت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها من أغنى نساء قريش، وكانت تُلقَّب بـ "سيدة قريش" بسبب مكانتها التجارية، لكنها لم تتردد في تسخير مالها كله لخدمة الإسلام، وكان لدعمها المالي أثر كبير في نجاح الدعوة في مراحلها الأولى.
أوجه دعمها المالي للدعوة:
الإنفاق على النبي ﷺ ليتفرغ للدعوة
بعد بعثة النبي ﷺ، ترك التجارة وتفرغ للدعوة، فلم يكن له مصدر دخل ثابت، فكانت السيدة خديجة تنفق عليه بسخاء، ليوجه كل وقته وجهده في نشر الإسلام.
مساعدة الفقراء والمستضعفين من المسلمين
كانت خديجة رضي الله عنها تنفق على الفقراء الذين أسلموا، خاصة العبيد والمستضعفين الذين كانوا يُعذَّبون من قبل سادات قريش، ومنهم بلال بن رباح وغيره.
تخفيف أثر المقاطعة في شعب أبي طالب
عندما فرضت قريش الحصار الاقتصادي على المسلمين في "شِعْب أبي طالب"، استمر الحصار ثلاث سنوات، وكان الوضع صعبًا جدًا حتى أكل الصحابة أوراق الشجر من شدة الجوع، ولكن خديجة رضي الله عنها أنفقت كل أموالها لمساعدة المسلمين، حتى أنهكتها الأزمة وأثرت على صحتها.
تمويل الدعوة سرًّا
في بداية الإسلام، كان نشر الدعوة يتم بسرية تامة، فكانت خديجة تساعد في توفير المال للمسلمين الذين يخرجون لنشر الدعوة سرًا، وتدعم النبي ﷺ في تأمين مكان للقاء أصحابه.
تأثير دعمها المالي في انتشار الإسلام:
وفرت للنبي ﷺ الاستقلال المالي ليتفرغ للدعوة.
ساعدت على إنقاذ المستضعفين من بطش قريش.
جعلت من بيتها مقرًّا آمنًا للدعوة الأولى.
كان لمالها دور كبير في تخفيف معاناة المسلمين أثناء الحصار.
وفاء النبي ﷺ لها
بعد وفاتها، كان النبي ﷺ يذكر فضلها، وكان يقول:
"ما أبدلني الله خيرًا منها، قد آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس" (رواه أحمد).
السيدة خديجة لم تكن فقط زوجة، بل كانت أول داعمة للدعوة الإسلامية بكل ما تملك من إيمان ومال وحب.
صبر السيدة خديجة رضي الله عنها على الأذى مع المسلمين
لقد كانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها مثالًا حقيقيًا في الصبر والثبات في وجه الأذى الذي تعرض له النبي ﷺ والمسلمون في بداية الدعوة. لم تكن هي وحدها التي تعرضت للضغوط، بل كانت تتحمل الأذى من قريش وتساند النبي ﷺ وتؤمن برسالته رغم القسوة التي واجهتها.
أوجه صبرها على الأذى:
تحملها للتهديدات والشتائم
منذ بداية الدعوة، كانت قريش تعادي الإسلام بشدة، وكان النبي ﷺ والمسلمون يواجهون السخرية والتهديدات. رغم مكانتها الكبيرة في قريش، كانت السيدة خديجة تعرضت للشتائم والأذى اللفظي بسبب إيمانها بدين النبي ﷺ، لكنها صبرت ولم تتراجع عن نصرة الحق.
مساندتها للنبي ﷺ في مواجهة تعذيب قريش للمسلمين
عندما بدأ أذى قريش يصل إلى الصحابة، وخاصة من الفقراء والمستضعفين مثل بلال بن رباح، لم تتردد السيدة خديجة في تقديم الدعم النفسي والمادي للمسلمين، بل كانت تقوم بتسليم المال لهم لتخفيف معاناتهم وتلبية احتياجاتهم.
تحملها للحصار في شعب أبي طالب
في عام الحصار، فرضت قريش مقاطعة اقتصادية واجتماعية على النبي ﷺ وأتباعه، حيث منعوا عنهم الطعام والشراب، وأجبروا المسلمين على العيش في شعب أبي طالب في ظروف قاسية.
السيدة خديجة كانت أول من تأثرت بهذا الحصار، ورغم مكانتها، عاشت مع النبي ﷺ في ظروف صعبة، ولم يتردد قلبها في الصبر على الجوع والظروف القاسية، مؤمنة بأن هذا كله سيكون في ميزان حسناتها عند الله.
إصرارها على دعم النبي ﷺ
رغم قسوة الظروف، لم تُظهر السيدة خديجة أي نوع من التراجع أو الضعف في إيمانها. كانت تقف دائمًا بجانب النبي ﷺ، وتعينه على تحمل أعباء الدعوة، وكان حبها وولاؤها للنبي ﷺ أكبر من كل الأذى الذي تعرضت له.
تأثير صبرها في الدعوة:
-
قوة دعمها ساعدت النبي ﷺ على الثبات في فترة الشدة، وأعطت المسلمين الأمل في مواجهة الصعاب.
-
كانت صبرها مثالًا على الإيمان الراسخ بأن الله سيعز الإسلام مهما بلغت الصعوبات.
ذكر النبي ﷺ لصبرها بعد وفاتها
عندما توفيت السيدة خديجة، كان النبي ﷺ في حالة حزن عميق، لأنه فقد أعظم داعمة له. فكان يقول بعد وفاتها:
"ما أبدلني الله خيرًا منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس".
صبر السيدة خديجة لم يكن مجرد تحمل للآلام، بل كان صبرًا بالله وتوكلًا عليه، وكان لها الدور الأكبر في بداية نجاح الدعوة الإسلامية.
دور السيدة خديجة رضي الله عنها في تثبيت دعائم البيت النبوي
السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها لم تكن فقط زوجة للنبي ﷺ، بل كانت السند الأول له في حياته، وكان لها دور كبير في تثبيت دعائم البيت النبوي، سواء على المستوى العاطفي أو الدعوي.
1. بناء علاقة متينة تقوم على الحب والاحترام
كان البيت النبوي في بداياته يشكل بيئة آمنة ومستقرة للنبي ﷺ، خاصة بعد أن واجه العديد من التحديات والضغوط من قريش. كانت السيدة خديجة رضي الله عنها زوجة محبة وفية، وفرت للنبي ﷺ بيئة من الاستقرار العاطفي والراحة النفسية.
-
كانت تحترم النبي ﷺ دائمًا وتُشعره بأن دوره في الدعوة أمر عظيم، وكان كلامها يؤكد له أن ما يقوم به هو عمل صالح لا بد أن يكلل بالنجاح.
-
كانت تعرف كيف تدير حياتها الزوجية بما يعزز من تفرغ النبي ﷺ لنشر الدعوة.
2. استقرار البيت النبوي خلال أوقات الشدة
عندما نزول الوحي على النبي ﷺ، لم يكن هناك أي شخص آخر يدعمه كما فعلت السيدة خديجة رضي الله عنها. في البداية، كانت هي أول من آمن به، وأول من دعمه عاطفيًا وماديًا. لقد حمت النبي ﷺ من المشاعر السلبية التي قد تنتج عن الشعور بالعزلة أو الشك، وعززت ثقته في رسالته.
كما ساعدت في إحداث نوع من الاستقرار العائلي في حياة النبي ﷺ، وهو ما شكل دعامة قوية له لمواصلة الدعوة.
3. توفير البيئة المناسبة للتربية والتنشئة
كانت السيدة خديجة أمًّا مثالية، حيث كانت ترعى أبناءها وتُربيهم على الأخلاق الفاضلة، وداخل البيت النبوي، كان كل شيء يساهم في تربية جيل صالح يعين النبي ﷺ على استمرارية دعوته.
-
بنات النبي ﷺ، مثل زينب، فاطمة، رقية، وأم كلثوم، نشأن في بيئة مليئة بالحب والرعاية.
-
كان البيت النبوي مصدرًا من مصادر القوة في تربية الصحابة الذين جاءوا ليكونوا من أعظم الداعين للإسلام.
4. دعمها المستمر للنبي ﷺ في مواجهة الأزمات
في الأوقات التي كانت الدعوة فيها تتعرض للأذى والتهديد، كانت السيدة خديجة أول من يتحمل الأعباء، سواء على المستوى النفسي أو المادي. على سبيل المثال:
-
تحملها الحصار في شعب أبي طالب، حيث أمضت سنوات من التضييق والجوع مع النبي ﷺ وأتباعه، وقدمت مالها ووقتها لتهدئة الأمور.
-
تحملها الأذى اللفظي والضغط الاجتماعي الذي تعرض له النبي ﷺ، وكانت هي السند الذي يساعده على تجاوز تلك المحن.
5. كونها مثالًا في الإيمان والطهارة
كانت السيدة خديجة تمثل أعلى درجات الإيمان والطهارة، مما جعلها قدوة يحتذي بها المسلمون. وكان وجودها في حياة النبي ﷺ يُضيف عنصرًا روحيًا ومُعينًا له للاستمرار في عمله.
6. استقرار العلاقة الزوجية كمثال يحتذى به
كان للنبي ﷺ حياة زوجية مستقرة بفضل رعاية السيدة خديجة، فقد أظهرت الوفاء له طوال حياتها ولم تُظهر أية شكوك أو تساؤلات في مسيرته الدعوية، بل كان بيتها هو الملاذ الآمن له.
أثر هذه الأسس في الدعوة
بفضل دعمها الكامل للنبي ﷺ في تلك الأيام الصعبة، كان البيت النبوي منبعًا للقوة والثبات، وفتح الطريق أمام الرسالة الإسلامية لتكون معروفة ومعتمدة على أسس متينة من الإيمان والتربية.
دور السيدة خديجة رضي الله عنها في تثبيت دعائم البيت النبوي كان دورًا أساسيًا في نجاح الدعوة الإسلامية. فقد كانت الزوجة الأولى، والداعمة الأولى، والمُربية الأولى، وكانت لها بصمة كبيرة في استقرار الدعوة ونشرها حتى بعد وفاتها.
كانة السيدة خديجة رضي الله عنها عند النبي ﷺ بعد وفاتها
كان للسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها مكانة عظيمة في قلب النبي ﷺ، حتى بعد وفاتها، وكانت أحد أكبر الداعمين له في مراحل حياته الأولى، سواء على المستوى النفسي، العاطفي، أو الدعوي.
1. استمرار ذكرها في حياة النبي ﷺ
بعد وفاتها، لم يكن النبي ﷺ ينسى فضلها أبدًا. كان يذكرها في مناسبات عدة، ويظل يحتفظ بصورتها في قلبه وعقله. وقد ورد عن النبي ﷺ أنه كان يقول:
"ما أبدلني الله خيرًا منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس" (رواه أحمد).
كان النبي ﷺ دائمًا ما يذكر فضائلها وحسناتها التي لا تُحصى.
2. وفاءه لها بعد وفاتها
حتى بعد وفاتها، كان النبي ﷺ يظهر الوفاء الكبير لها. كان لا يزال يكرم صديقاتها، ويعطف عليهن، ويذكر فضلها الكبير في الدعوة. كما كان يُرسل الهدايا إلى أصدقاء خديجة تكريمًا لها.
كان النبي ﷺ يذكرها بتقدير عميق، وكان يظل يُحسن إلى من أحبوا خديجة، مثل فاطمة بنت قيس، وغيرها من النساء اللواتي عرفن السيدة خديجة.
3. تأثير وفاتها على النبي ﷺ
تأثَّر النبي ﷺ بشكل كبير بعد وفاة السيدة خديجة، حيث كانت وفاتها من أعظم مواقفه الحزينة.
قال النبي ﷺ عن ذلك:
"إنَّ خديجة كانت لي خيرَ رفيقة، وكانت أول من آمن بي".
وأطلق النبي ﷺ على عام وفاتها اسم "عام الحزن" لأنه فقد فيها زوجته الحبيبة، وكذلك عمه أبو طالب الذي كان يحميه، حيث تزامن وفاتهما في نفس العام.
4. سرّ حبه لها
الحب الكبير الذي كان يكنّه النبي ﷺ للسيدة خديجة كان صادقًا وعميقًا، فقد كانت أول من آمن برسالته، وكانت السند والداعم الأول له في بداية دعوته.
كان حبه لها يشع في تصرفاته حتى بعد وفاتها، وكان يسعى دائمًا إلى الحفاظ على ذكراها، وكان هذا الحب مليئًا بالاحترام والتقدير.
5. مشاعر النبي ﷺ بعد وفاتها
كان النبي ﷺ يتذكر خديجة في مواقف مختلفة من حياته، وحتى في بعض الأحيان عندما كان يتحدث عن أحد المواقف مع أصدقائه أو عائلته، كان يذكرها بكلمات مليئة بالحب والتقدير. وقد روى الصحابة أنه في بعض الأحيان كان النبي ﷺ يبتسم حين يذكر خديجة، وكان يشعر بالألم عند ذكر فقدها، لأنه كان يراها مصدرًا من مصادر الراحة والطمأنينة في حياته.
مكانة السيدة خديجة رضي الله عنها عند النبي ﷺ كانت عالية جدًا، وقد كانت أول من آمن به والسند الأول له في أحلك الأوقات. حتى بعد وفاتها، لم ينسَ النبي ﷺ فضلها، وظلت ذكراها حية في قلبه، وكان يظل يذكرها بكل حب واحترام.
مكانة السيدة خديجة رضي الله عنها في الإسلام
السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها تعتبر أحد أبرز الشخصيات النسائية في تاريخ الإسلام، ولها مكانة رفيعة وعظيمة في قلب كل مسلم، وذلك لدورها الكبير في دعم الإسلام من بدايته.
وفيما يلي بعض أوجه مكانتها في الإسلام:
1. أول من آمنت برسالة النبي ﷺ
كانت السيدة خديجة رضي الله عنها أول من آمن برسالة النبي ﷺ بعد نزول الوحي، فكان إيمانها به هو أول خطوة في مسيرة الدعوة الإسلامية. عندما عاد النبي ﷺ إلى بيته خائفًا بعد أول لقاء مع جبريل عليه السلام في غار حراء، طمأنته خديجة وقالت له:
"كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
كانت هذه الكلمات مفصلية في دعمه النفسي والمعنوي، وكان لها دور كبير في استمرارية دعوته.
2. أول امرأة تؤمن برسالة الإسلام
خديجة رضي الله عنها كانت أول امرأة تؤمن برسالة النبي ﷺ وتؤمن بأن ما جاء به هو الحق. بذلك، كان إيمانها بمثابة حجر الأساس للإسلام في بداياته، وكانت داعمته الأولى في نشر الدعوة. كانت خير مثال للنساء المسلمات في التزامها وصدق إيمانها.
3. النبوة والإيمان بدور المرأة في الدعوة
سيدة خديجة رضي الله عنها أثبتت أن المرأة تستطيع أن تكون ركنًا أساسيًا في دعم الإسلام. وقد أظهرت للعالم أن المرأة يمكنها أن تكون داعمة قوية في مجال الدعوة، وأنها جزء لا يتجزأ من هذا الدين.
ويعتبر إيمانها في تلك الفترة التاريخية دليلاً على قوة الإيمان وأن الإسلام ليس مقصورًا على الرجال فقط.
4. فضلها عند النبي ﷺ
النبي ﷺ كان يقدر مكانتها العظيمة في حياته، حيث كان يذكرها بعد وفاتها بالإجلال والاحترام. كان يقول:
"ما أبدلني الله خيرًا منها"، مشيرًا إلى فضلها في دعم الدعوة.
وقد ورد أنه كان يكرم صديقاتها ويذكرها في أوقات مختلفة، مما يظهر وفاءه لها ولدورها المهم في حياته ودعوته.
5. شهادة النبي ﷺ في فضلها
في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ:
"خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد" (رواه البخاري).
هذا الحديث يوضح مكانتها الكبيرة في الإسلام، حيث تم وضعها في مرتبة عالية مع مريم بنت عمران، أم سيدنا عيسى عليه السلام، مما يعكس تقدير النبي ﷺ واعترافه بفضلها العظيم.
6. الدعم المالي والإجتماعي
السيدة خديجة رضي الله عنها كانت سيدة أعمال غنية ولها مكانة اجتماعية عالية، وقد قدمت كل مالها لدعم الدعوة الإسلامية في بداياتها.
كانت تمد النبي ﷺ بكل الدعم المادي والنفسي في أوقات الشدة، خاصة في أوقات المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها قريش على المسلمين في "شِعْب أبي طالب". كانت تلك المساعدات المالية مساهمة حاسمة في استمرار الدعوة في أشد أوقات الاضطهاد.
7. وفاتها وتأثيرها على الدعوة
بعد وفاتها، حزن النبي ﷺ حزنًا شديدًا، حيث كانت هي الركيزة العاطفية الأولى له في حياته. وقد أطلق النبي ﷺ "عام الحزن" على السنة التي توفيت فيها، لتزامن وفاتها مع وفاة عمه أبو طالب، الذي كان يدافع عن النبي ﷺ.
لكن حتى بعد وفاتها، كانت ذكراها حية في قلب النبي ﷺ، وكان يدعو لها دائمًا، ويتذكر مواقفها الجليلة.
مكانة السيدة خديجة رضي الله عنها في الإسلام هي مكانة رفيعة جدًا، فهي أول من آمن برسالة النبي ﷺ، وكانت داعمته الأولى في كل جوانب حياته الدعوية والمادية والعاطفية.
لقد كانت أم المؤمنين التي قدمت مثالًا عظيمًا للنساء في الإسلام، ودورها في بداية الدعوة لا يُقدّر بثمن.